الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
قال ابن عطاء الله لوّن الله تعالى لنا الطاعات من صلاة وصوم وحج وغيرها لئلا تسأم نفوسنا تكرماً وفضلاً لأن النفس لو كلفت بحالة واحدة في زمن واحد ملت ونفرت وبعدت من الانقياد للطاعة فرحمها الله سبحانه وتعالى بالتنويع وحجر علينا الصلاة في أوقات ليكون همنا إقامة الصلاة لا وجود الصلاة فما كل مصل مقيم. - (طب عن أبي الدرداء) قال الهيتمي فيه يزيد بن فرقد ولم يسمع من أبي الدرداء. 301 - (اخلعوا) بكسر الهمزة واللام أي انزعوا (نعالكم) وإن كانت طاهرة يقال خلع نعله إذا نزعه وفي القاموس الخلع كالمنع النزع إلا أنه فيه مهانة (عند الطعام) أي عند إرادة أكله (فإنها) أي هذه الخصلة التي هي النزع (سنة) أي طريقة وسيرة (جميلة) أي حسنة مرضية لما فيه من راحة القدم وحسن الهيئة والأدب مع الجليس [ص 219] وغير ذلك والأمر للإرشاد بدليل خبر الديلمي عن ابن عمر مرفوعاً أيها الناس إنما خلعت نعلي لأنه أروح لقدمي فمن شاء فليخلعها ومن شاء فليصل فيهما. والنعل كما في المصباح وغيره الحذاء وهي مؤنثة وتطلق على التاسومة ولما كانت السنة تطلق على السيرة جميلة كانت أو ذميمة بين أنها جميلة هنا أي حسنة مرضية محبوبة وبذلك علم أن المراد بالسنة هنا المعنى اللغوي وإلا لما احتاج لوصفها بما ذكر وخرج بحالة الأكل حالة الشرب فلا يطلب فيها نزع النعل كما هو ظاهر ومثل النغل القبقاب ونحوه لا الخف فيما يظهر. - (ك) في المناقب (عن أبي عبس) بفتح المهملة وسكون الموحدة كفلس (ابن جبر) بفتح وسكون الموحدة ابن زيد الأنصاري وقد مر وظاهر صنيع المؤلف أن الصحابي الذي رواه عنه الحاكم هو أبو عبس والأمر بخلافه بل الحاكم إنما رواه عن أنس فقال عن يحيى بن العلاء عن موسى بن محمد التيمي عن أبيه عن أنس قال دعا أبو عبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اخلعوا إلى آخره ورواه من طريق آخر بلفظ آخر وتعقبه الذهبي على الحاكم وأن فيه يحيى وشيخه متروكان وإسناده مظلم انتهى لكنه اكتسب بعض قوة بوروده من طريق أخرى ضعيفة. 302 - (اخلفوني) بضم الهمزة واللام أي كونوا خلفائي (في أهل بيتي) علي وفاطمة وابنتهما وذريتهما فاحفظوا حقي فيهم وأحسنوا الخلافة عليهم بإعظامهم واحترامهم ونصحهم والإحسان إليهم وتوقيرهم والتجاوز عن مسيئهم يا بني الزهراء والنور الذي * ظن موسى أنه نار قبس لا أوالي الدهر من عاداكم * إنه آخر سطر في عبس إشارة إلى قوله تعالى - (طس عن ابن عمر) بن الخطاب وقال إن ذلك آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الهيتمي فيه عاصم بن عبد الله وهو ضعيف. 303 - (أخنع) بفتح الهمزة والنون بينهما معجمة ساكنة وفي رواية أخنى أي أفحش (الأسماء) أي أقتلها لصاحبه [ص 220] وأهلكها له يعني أدخلها في النخوع وهو الذل والضعة والهوان ذكره الزمخشري (عند الله يوم القيامة) قيد به مع كونه في الدنيا كذلك إشعاراً بترتب ما هو مسبب عنه من إنزال الهوان وحلول العذاب (رجل) أي اسم رجل قال الطيبي: لا بد من هذا التأويل ليطابق الخبر ويمكن أن يراد بالاسم المسمى مجازاً أي أخنع الرجال رجل كقوله سبحانه وتعالى - (ق د ت عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه وفي الباب غيره أيضاً انتهى. [ص 221] 304 - (إخوانكم) جمع أخ وهو الناشئ مع أخيه من منشأ واحد على السواء بل بوجه مّا، قال الحراني (خولكم) بفتح المعجمة والواو وضم اللام أي خدمكم جمع خائل أي خادم سمي به لأنه يتخول الأمور أي يصلحها ومنه الخولي لمن يقوم بإصلاح البستان والتخويل التمليك وأخبر عن الأخوة بالخول مع أن القصد عكسه اهتماماً بشأن الإخوان أو الحصر الخول في الإخوان أي ليسوا إلا لإخوانكم أي من جهة تفرع الكل عن أصل واحد وهو آدم عليه الصلاة والسلام ومن قال في الدين لم يصب إذ يلزم قصر طلب المواساة في الأرقاء على المسلمين مع عمومها وحينئذ ففي الكلام معنى التشبيه أو إخوانكم مبتدأ و (جعلهم الله) خبره فعليه إخوانكم مستعار لطي المشبه وجوز جمع نصب إخوانكم بفعل مقدر أي احفظوا إخوانكم وخولكم نعت له قال أبو البقاء وهو أجود من الرفع في تخصيص الإخوان بالذكر إشعاراً بعلة المواساة وأن ذلك مندوب لأنه وارد على منهج التلطف والتعطف ومعاملتهم بالشفقة والمناصحة والمسامحة وغير ذلك من ضروب الإحسان مما يعود الطبع إليه من مناصحة الإخوان والخلان وهو غير واجب (قنية) بكسر القاف وتضم أي ملكاً (تحت أيديكم) يعني قدرتكم فاليد الحسية كناية عن اليد الحكيمة (فمن كان أخوه تحت يده) أي فمن كان مملوكه في قبضته وتحت حكمه وسلطانه وفي رواية للبخاري يديه بلفظ التثنية (فليطعمه) بضم المثناة التحتية فيه وفيما بعده أي وجوباً والأفضل كونه (من طعامه) الذي يأكله هو (وليلبسه) مما يليق (من لباسه) قال الرافعي لا مناقضة بينه وبين الخبر الآتي للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف لأن ما هنا في حق العرب الذين طعامهم وطعام عبيدهم وكسوتهم متقاربة وذلك في حق المترفهين في الطعام واللباس فليس عليهم لمماليكهم إلا المتعارف لهم بالبلد سواء كان من جنس نفقة السيد أو فوقه أو دونه انتهى وخرج بما ذكر نحو عفاف القن فلا يؤمر به سيده والواجب الكفاية (ولا يكلفه) من التكليف وهو تحميل الشخص شيئاً معه كلفة وقيل هو الأمر بما يشق أي لا يكلفه من العمل (ما يغلبه) أي ما لا يطيقه في بعض الأحيان (فليعنه) عليه بنفسه أو بغيره فيحرم على السيد أن يكلف قنه على الدوام ما لا يطيقه على الدوام وله تكليفه عملاً شاقاً في بعض الأحيان لكن عليه إعانته أي مساعدته ومثل القن نحو خادم وأجير ودابة ولم يصب في التعبير من قال كابن جماعة تدخل في الخول الرقيق والخادم الحر وكذا الدواب انتهى وما ذاك إلا لأن لفظ الخول في الحديث لا يشمل الدابة لوصفه بالأخوة فالشمول ممنوع وليس إلا القياس وفيه الأمر بالعطف على المملوك والشفقة عليه والتذكير بالنعمة والقيام بشكرها والمحافظة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك. - (حم ق د ت ه عن أبي ذر) قال ابن حجر وفيه قصة أي وذلك لأن المعرور بن سويد رأى أبا ذر عليه حلة وعلى غلامه مثلها فسأله عن ذلك فذكر أنه ساب رجلاً فعيره بأمه فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إنك امرؤ فيك جاهلية أي خلق من أخلاقهم ثم ذكره. 305 - (أخوف) أي من أخوف (ما أخاف على أمتي) وفي رواية أحمد على هذه الأمة (كل منافق عليم اللسان) أي عالم للعلم منطلق اللسان به لكنه جاهل القلب فاسد العقيدة يغر الناس بشقشقة لسانه فيقع بسبب تباعه خلق كثير في الزلل وقد كان بعض العارفين لا يظهر لتلميذه إلا على أشرف أحواله خوفاً أن يقتدي به فيها أو بسوء ظنه به فيها فلا ينتفع. قال الحراني: والخوف حذر النفس من أمور ظاهرة تضرها، قال صاحب الهداية: فساد كبير عالم متهتك * وأكبر منه جاهل يتنسك هما فتنة للعالمين عظيمة * لمن بهما في دينه يتمسك [ص 222] وسبب تحديث عمر بذلك أن الأحنف سيد أهل البصرة كان فاضلاً فصيحاً مفوهاً فقدم على عمر فحبسه عنده سنة يأتيه كل يوم وليلة فلا يأتيه عنه إلا ما يحب ثم دعاه فقال تدري لم حبستك عني قال لا قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا فذكره ثم قال خشيت أن تكون منافقاً عليم اللسان وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرنا منه وأرجو أن تكون مؤمناً فانحدر إلى مصرك. - (عد عن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه بإسناد ضعيف ورواه أيضاً الطبراني في الكبير بل والإمام أحمد قال السيد السمهودي رواته محتج بهم في الصحيح انتهى فعدل المصنف عن الحديث الصحيح إلى الرواية الضعيفة واقتصر عليها. 306 - (أخوف ما أخاف على أمتي) اتباع (الهوى) بالقصر وهو ميل النفس وانحرافها نحو المذموم شرعاً على ما مر (وطول الأمل) بالتحريك رجاء ما تحبه النفس كما مر وذلك لأنه إذا أنس بالدنيا ولذتها ثقل عليه فراقها وأقلع عن التفكير في الموت الذي هو سبب مفارقتها فيمني نفسه أبداً بما يوافق مرادها وهو البقاء في الدنيا فلا يزال يتوهمه ويقدره في نفسه ويقدر توابع البقاء بما يحتاجه من مال وخدم ودار وغيرها فيعكف قلبه على هذا الفكر فيلهو عن الموت ولا يحذر فوته فإن خطر بباله سوّف وقال الأيام بين يديك فإلى أن تكبر تتوب فإذا كبر قال حتى أشيخ فإذا شاخ قال حتى أفرغ من بناء داري وعمارة ضيعتي وقهر عدوي الذي يشمت بي فلا يزال كذلك لا يفرغ من شغل إلا علق بتمام آخر إلى أن تخطفه منيته في وقت لا يحتسبه فمن ثم خافه المصطفى صلى الله عليه وسلم عليهم قال الحراني: أكبر الهم والاهتمام إنما هو من طول الأمل فلأجله يتكلف الأعمال والأشغال ويجمع ويدخر الأمول - (عد عن جابر) قال الحافظ العراقي سنده ضعيف ورواه عنه أيضاً الحاكم باللفظ المزبور وزاد أما الهوى فيصد عن الحق وأما طول الأمل فينسي الآخرة ورواه أبو نعيم عن علي وزاد ألا وإن الدنيا ترجلت مدبرة ألا وإن الآخرة قد ترجلت مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل. 307 - (أخوك البكري) بكسر الموحدة أي الذي ولده أبواك أولاً، وهذا على المبالغة في التحذير أي أخوك شقيقك خفه واحذر منه (ولا تأمنه) فضلاً عن الأجنبي فالتحذير منه أبلغ فأخوك مبتدأ والبكري نعته والخبر يخاف منه مقدراً وفيه إثبات الحذر واستعمال سوء الظن فيمن لم يتحقق فيه حسن السيرة. قال الديلمي: وهذه كلمة جاهلية تمثل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال العسكري: هذا من الحكم والامثال. - (طس) من طريق زيد بن عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم عن أبيه (عن عمر) بن الخطاب قال أسلم: خرجت في سفر فلما رجعت قال لي عمر: من صحبت قلت: رجلاً من بكر بن وائل فقال: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الهيتمي: أسلم وأبوه ضعيفان (د عن) عبد الله (بن عمر وابن الغفواء) عن أبيه والفغواء بفتح الفاء وسكون الغين المعجمة وواو مخففة مع المد ويقال ابن أبي الفغواء قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أراد أن يبعثني إلى أبي سفيان بمال يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح فقال: التمس صاحباً فجاءني عمرو بن أميه الضمري فقال: بلغني أنك تريد الخروج وتلتمس صاحباً قال: قلت: أجل قال: فأنا لك صاحب قال: فجئت إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقلت له: قد وجدت صاحباً قال: من؟ فقلت: عمرو بن أمية الضمري فقال: إذا هبطت بلاد قومه فاحذره فإنه قد قال القائل أخوك البكري ولا تأمنه [ص 223] فخرجت حتى إذا كنا بالأبواء قال: أريد حاجة إلى قومي بودان فتلبث لي قلت راشداً فلما ولى ذكرت ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فشددت على بعيري ثم خرجت حتى إذا كنت بالاصافير إذا هو يعارضني في رهط قال: فأوضعت بعيري فسبقته فلما رآني قد فته انصرفوا وجاءني فقال: كان لي إلى قومي حاجة قال: قلت: أجل فمضينا حتى قدمنا مكة فدفعت المال إلى أبي سفيان انتهى وعبد الله قال ابن حبان مستور وقال الذهبي: تابعي مجهول وساقه في الضعفاء وقال في غيرها لا يعرف قال وعمر له صحبة ورواية وفي التقريب عمرو بن الفغواء الخزاعي صحابي في إسناد حديثه اختلاف انتهى يشير إلى هذا الحديث ورواه العسكري رحمه الله تعالى في الأمثال من حديث مسور مرفوعاً، هذا وقد رمز المؤلف لحسنه ولعله لاعتضاده. 308 - (أدّ) وجوباً من الأداء. قال الراغب: وهو دفع ما يحق دفعه وتأديته (الأمانة) هي كل حق لزمك أداؤه وحفظه وقصر جمع لها على حق الحق وآخرين على حق الخلق قصور قال القرطبي: والأمانة تشمل أعداداً كثيرة لكن أمهاتها الوديعة واللقطة والرهن والعارية. قال القاضي: وحفظ الأمانة أثر كمال الإيمان فإذا نقص الإيمان نقصت الأمانة في الناس وإذا زاد زادت (إلى من ائتمنك) عليها وهذا لا مفهوم له بل غالبي والخيانة التفريط في الأمانة. قال الحراني: والائتمان طلب الأمانة وهو إيداع الشيء لحفظه حتى يعاد إلى المؤتمن ولما كانت النفوس نزّاعة إلى الخيانة رواغة عند مضايق الأمانة وربما تأولت جوازها مع من لم يلتزمها أعقبه بقوله (ولا تخن من خانك) أي لا تعامله بمعاملته ولا تقابل خيانته بخيانتك فتكون مثله وليس منها ما يأخذه من مال من جحده حقه إذ لا تعدي فيه أو المراد إذا خانك صاحبك فلا تقابله بجزاء خيانته وإن كان حسناً بل قابله بالأحسن الذي هو العفو وادفع بالتي هي أحسن وهذا كما قاله الطيبي أحسن قال ابن العربي: وهذه مسألة متكررة على ألسنة الفقهاء ولهم فيها أقوال الأول لا تخن من خانك مطلقاً الثاني خن من خانك قاله الشافعي الثالث إن كان مما ائتمنك عليه من خانك فلا تخنه وإن كان ليس في يدك فخذ حقك منه قاله مالك الرابع إن كان من جنس حقك فخذه وإلا فلا قاله أبو حنيفة. قال: والصحيح منها جواز الاعتداء بأن تأخذ مثل مالك من جنسه أو غير جنسه إذا عدلت لأن ما للحاكم فعله إذا قدرت تفعله إذا اضطررت. - (تخ د ت) في البيوع وقال ت حسن غريب (ك عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي: فيه شريك قال يحيى ما زال مختلطاً عن قيس قال أحمد كثير الخطأ (قط ك والضياء) المقدسي (عن أنس) قال الدارقطني: فيه أيوب بن سويد ضعفه أحمد وجمع (طب عن أبي أمامة) قال الهيتمي: وفيه يحيى بن عثمان المصري قال ابن أبي حاتم: يتكلمون فيه ورواه الطبراني أيضاً في الصغير والكبير باللفظ المزبور عن أنس. قال الهيتمي: رجاله ثقات ورواه ابن عساكر من طريق مكحول قال رجل لأبي أمامة: الرجل أستودعه الوديعة أو يكون لي عليه شيء فيجحدني ثم يستودعني أو يكون له عليّ شيء أفأجحده. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال ابن عساكر وغيره ومكحول لم يسمع من أبي أمامة وقال السخاوي: في أسانيده مقال لكن بطرقه يتقوى (د عن رجل من الصحابة) ولا يضر إبهامه لأن الصحابة كلهم عدول (قط عن أبيّ بن كعب) بدري سيد سند من فضلاء الصحابة روى عنه أنس وغيره وفي موته أقوال قال ابن الجوزي فيه محمد بن ميمون قال ابن حبان منكر الحديث جداً لا يحل الاحتجاج به وقال في المنار: فيه ثلاثة ولوا القضاء ساء حفظهم وقال أحمد حديث باطل وقال ابن حجر رواه (د ت ك) عن أبي هريرة تفرد به طلق بن غنام عن شريك واستشهد له الحاكم بحديث أبي التياح عن أنس وفيه أيوب بن سويد فيه خلف ورواه أبو داود بسند فيه مجهول وقد صحبه ابن السكن ورواه البيهقي عن أبي أمامة بسند ضعيف وقال ابن الجوزي لا يصح من جميع طرقه. [ص 224] 309 - (أدّ ما افترض الله) أي أوجب (عليك) ومنه السنة يقول فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أي سنه (تكن من أعبد الناس) أي المقبول عبادتهم يعني إذا أديت العبادة على أكمل الأحوال من ركن وشرط وسنة خالصة سالمة من الخلل تكن من أعبد الناس ممن لم يفعلها كذلك والعبادة تتفاوت رتبها في الكمال (واجتنب ما حرم الله عليك) أي لا تقربه فضلاً عن أن نفعله فإن من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيها (تكن من أورع الناس) أي من أعظمهم كفاً عن المحرمات وأكثر الشبهات، قال النووي: والورع اجتناب الشبهات خوفاً من الله تعالى وقال ابن القيم: ترك ما يخاف ضرره في الآخرة والزهد ترك ما لا ينفع فيها (وارض) اقنع (بما قسمه الله) قدره (لك) قال الله تعالى - (عد عن ابن مسعود) قال ابن الجوزي قال الدارقطني رفعه وهم والصواب وقفه. 310 - (أدبني ربي) أي علمني رياضة النفس ومحاسن الأخلاق الظاهرة والباطنة، والأدب ما يحصل للنفس من الأخلاق الحسنة والعلوم المكتسبة، وفي شرح النوابغ هو ما يؤدي بالناس إلى المحامد أي يدعوهم (فأحسن تأديبي) بإفضاله عليّ بالعلوم الكسبية والوهبية بما لم يقع نظيره لأحد من البشر. قال بعضهم: أدبه بآداب العبودية وهذبه بمكارم أخلاق الربوبية ولما أراد إرساله ليكون ظاهر عبوديته مرآة للعالم كقوله صلوا كما رأيتموني أصلي وباطن حاله مرآة للصادقين في متابعته وللصديقين في السير إليه - (ابن السمعاني) الإمام أبو سعد (في) كتاب (أدب الإملاء) أي إملاء الحديث من جهة صفوان بن مفلس الحنطي عن محمد بن عبد الله عن سفيان الثوري عن الأعمش (عن ابن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أدّبني فأحسن أدبي ثم أمرني بمكارم الأخلاق فقال 311 - (أدبوا) خطاباً للآباء والأجداد ويلحق بهم كل كافل ليتيم (أولادكم) أي دربوهم لينشأوا ويستمروا (على) ملازمة خصال (ثلاث) وخصها لأنها أهم ما يجب تعليمه للطفل (خصال) قالوا: وما هي. قال: (حب نبيكم) المحبة [ص 226] الإيمانية الطيبة لأنها غير اختيارية وهذا واجب لأن محبته تبعث على امتثال ما جاء به، قال السمعاني: يجب على الآباء تعليم أولادهم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بمكة إلى كافة الثقلين ودفن في المدينة وأنه واجب الطاعة والمحبة. وقال ابن القيم: يجب أن يكون أول ما يقرع سمعهم معرفة الله تعالى وتوحيده وأنه يسمع كلامهم وأنه معهم حيث ما كانوا وكذلك كان بنو إسرائيل يفعلون ولهذا كان أحب الأسماء عبد الله وعبد الرحمن بحيث إذا عقل الطفل ووعى علم أنه عبد الله ثم يعرفه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وبوجوب محبته (وحب أهل بيته) علي وفاطمة وبنيهما أو مؤمنو بني هاشم والمطلب (وقراءة القرآن) أي تلاوته ومدارسته وحفظه (فإن حملة القرآن) أي حفظته عن ظهر قلب المداومين لتلاوته العاملين بأحكامه يكونون (في ظل الله) أي في ظل عرشه كما صرح به في رواية أخرى (يوم لا ظلّ إلا ظله) أي يوم القيامة إذا دنت الشمس من الرؤوس واشتد عليهم حرها وقد يراد به ظل الجنة وهو نعيمها والكون فيها كما قال الله تعالى - (أبو نصر) عبد الكريم بن محمد (الشيرازي) نسبة إلى شيراز بلدة (في فوائده) الحديثية (فر وابن النجار) في تاريخه (عن علي) لم يرمز له بشيء وهو ضعيف لأن فيه شيء وصالح بن أبي الأسود له مناكير وجعفر ابن الصادق قال في الكشاف عن القطان في النفس منه شيء انتهى. 312 - (أدخل الله) بصيغة الماضي دعاء وقد يجعل خبراً، وعبر عنه بالماضي إشعاراً بتحقق الوقوع (الجنة) دار الثواب وقدم الجزاء لمزيد التشويق والترغيب (رجلاً) يعني إنساناً ذكراً أو أنثى والمراد كل مؤمن (كان سهلاً) أي ليناً في حال كونه (مشترياً وبائعاً وقاضياً) أي مؤدياً ما عليه (ومقتضياً) طالباً ماله ليأخذه والقصد بالحديث الإعلام بفضل اللين والسهولة في المعاملات من بيع وشراء وقضاء واقتضاء وغير ذلك وأنه سبب لدخول الجنة موصل للسعادة الأبدية، وخص المذكورات لغلبة وقوعها وكثرة المضايقة فيها حتى في التافه لا لإخراج غيرها فجميع العقود والحلول كذلك. - (حم) عن وهب (عن عثمان بن عفان) رضي الله تعالى عنه رمز المؤلف رحمه الله لصحته. 313 - (ادرؤا) بكسر الهمزة وسكون المهملة وفتح الراء ادفعوا (الحدود) أي إيجابها أن تنظروا وتبحثوا عما يمنع من ذلك جمع حد وهو لغة المنع وعرفاً عقوبة مقدرة على ذنب (عن المسلمين) والملتزمين للأحكام فالتقييد غالبي أو للتنبيه على أن الدرء عن المسلم أهم (ما استطعتم) أي مدة استطاعتكم ذلك بأن وجدتم إلى الترك سبيلاً شرعياً فلا تحدوا أحداً منهم إلا بأمر متيقن لا يتطرق إليه التأويل (فإن وجدتم للمسلم مخرجاً) عن إيجاب الحد (فخلوا سبيله) أي طريقه يعني اتركوه ولا تحدوه وإن قويت الريبة وقامت قرينة تغلب على الظن صدق ما يرمى به كوجود رجل مع أجنبية [ص 227] في فراش واحد، وكلامه شامل لما بعد الإقرار. قال ابن العربي: ومن السعي في الدرء الإعراض عنه والتعريض له كما فعل المصطفى صلى الله عليه وسلم بماعز لعلك قبلت لعلك فاخذت وكما قال لمن اتهم بالسرقة ما إخالك سرقت وقوله لآخر: أبك جنون؟ هل أحصنت (فإن الإمام) يعني الحاكم (لأن) بلام التأكيد وفي رواية أن (يخطئ في العفو خير من أن يخطئ بالعقوبة) أي خطؤه في العفو خير من خطئه في العقوبة واسم التفضيل على غير بابه إذ لا خير في الخطأ بالعقوبة وإنما مراده الترهيب من المؤاخذة مع قيام أدنى شبهة والخطاب في قوله ادرؤا للأئمة. قال الطيبي: فالإمام مظهر أقيم مقام المضمر على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة حثاً له على إظهار الرأفة والرحمة، يعني من حق إمام المسلمين وقائدهم أن يرجح سبيل العفو ما أمكن، والكلام في غير خبيث شرير متظاهر بالإيذاء والفساد، أما هو فلا يدرأ عنه بل يتعين السعي في إقامته بدليل الخبر المار، أترعون عن ذكر الفاجر أذكروا الفاجر بما فيه والخطأ كما قال الحراني هو الزلل عن الحق من غير تعمد بل مع عزم الاصابة أو ودان لا يخطئ. - (ش ت ك هق) في كتاب الحدود (عن عائشة) رضي الله عنها مرفوعاً وموقوفاً. وقال الحاكم: صحيح ورده الذهبي في التلخيص بأن فيه يزيد بن زياد شامي متروك وقال في المهذب: هو واه وقد وثقه النسائي انتهى وسبقه الترمذي فقال في العلل: فيه يزيد بن زياد سألت عنه محمداً يعني البخاري فقال منكر الحديث ذاهبه. وقال ابن حجر: فيه يزيد بن زياد ضعيف وقال فيه البخاري منكر الحديث (و ش) متروك قال الذهبي رحمه الله: وأجود ما في الباب خبر البيهقي ادرؤا الحد والقتل عن المسلمين ما استطعتم. قال هذا موصول جيد انتهى. 314 - (ادرؤا الحدود) ادفعوا إقامتها جمع حد. قال الحراني: وحقيقة الحاجز بين شيئين متقابلين فأطلق هنا على الحكم تسمية للشيء باسم جزئه بدلالة التضمن (بالشبهات) بضمتين جمع شبهة بالضم وهي كما في القاموس الإلباس. وقال الزمخشري: تشابهت الأمور واشتبهت التبست لاشتباه بعضها ببعض وشبه عليه الأمر لبس عليه (وأقيلوا الكرام) أي خيار الناس ووجوههم نسباً وحسباً وعلماً وديناً وصلاحاً (عثراتهم) أي زلاتهم بأن لا تعاقبوهم عليها ولا تؤاخذوهم بها، يقال للعثرة زلة لأن العثور السقوط والزلة سقوط في الإثم. قال الزمخشري: من المجاز أقال الله عثرتك وعثر على كذا اطلع عليه وأعثره عليه أطلعه وأعثر به عند السلطان قدح فيه وطلب توريطه (إلا في حد من حدود الله) فإنه لا يجوز إقالتهم فيه إذا بلغ الإمام وثبت عنده وخلى عن الشبهة ولم يجد إلى دفعه عنه سبيلاً وطلب منه إقامته فيما يتوقف على الطلب وزاد قوله من حدود الله تفخيماً وتأكيداً فلا مفهوم له. - (عد) قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي خرجه أبو أحمد بن عدي (في جزء له من حديث أهل مصر والجزيرة) من رواية ابن لهيعة (عن ابن عباس) قال الحافظ ابن حجر في تخريج المختصر وهذا الإسناد إن كان من بين ابن عدي وابن لهيعة مقبول فهو حسن وذكر البيهقي في المعرفة أنه جاء من حديث علي مرفوعاً وذكر التاج السكي في شرح المختصر أن أبا محمد الحارثي ذكره في مسند أبي حنيفة من حديث ابن عباس ووهم من أخذ كلامه فنسبه إلى أبي محمد الدارمي فكأنه تحرف عليه انتهى (وروى صدره) فقط وهو قوله ادرؤوا الحدود بالشبهات (أبو مسلم الكجي) بفتح الكاف وشد الجيم نسبة إلى الكج وهو الجص لقب به لأه كان كثيراً ما يبني به (وابن السمعاني) أي وروى صدره فقط ابن السمعاني (في الذيل) أي ذيل تاريخ بغداد (عن) أبي حفص (عمر بن عبد العزيز) بن مروان بن الحكم أمير المؤمنين الخليفة العادل الراشد المجمع [ص 228] على وفور فضله وعقله وعلمه وورعه وزهده وعدله (مرسلاً) قال ابن حجر: وفي سنده من لا يعرف وفيه قصة (ومسدد) بضم الميم وفتح المهملة وشد المهملة ابن مسرهد البصري ثقة حافظ (في مسنده) الذي هو أول مسند صنف في البصرة قيل اسمه عبد الملك ومسدد لقبه (عن) عبد الله (بن مسعود موقوفاً) بلفظ إدرؤوا الحدود بالشبهة بلفظ الإفراد. وقال ابن حجر في شرح المختصر وهو موقوف حسن الإسناد انتهى. وبه يرد قول السخاوي طرقه كلها ضعيفة، نعم أطلق الذهبي على الحديث الضعف ولعل مراده المرفوع. 315 - (ادرؤا الحدود) جمع حد قال الراغب: سميت العقوبة حداً لكونه يمنع الفاعل من المعاودة أو لكونها مقدرة من الشارع أو الإشارة إلى المنع ولذا سمي البواب حداداً قال وتطلق الحدود ويراد بها المعاصي كقوله تعالى
|